Top Ad unit 728 × 90

ابرز الأخبار

اخبار

دراسة علمية لمسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية ـ ( الجزء الثاني )

مشروع قانون المسطرة الجنائية : دراسة علمية (الجزء الثاني)
إقامة الدعوى العمومية و ممارستها 
بين قانون المسطرة الجنائية و مسودة مشروعها
بحث قانوني
كتبها الدكتور عبد الحكيم الحكماوي
نائب أول لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط
أستاذ زائر بكلية الحقوق سلا
باحث قانوني
تعتبر الدعوى العمومية الآلية القضائية الوحيدة التي تمكن المجتمع من اقتضاء حقه من كل مخالف لقواعد القانون الجنائي . و قد أوكل المشرع صلاحية اللجوء إلى هذه الآلية للنيابة العامة أساسا باعتبارها الطرف الأصلي ، غير أنه في ذات الوقت أعطى لبعض الجهات استثناء إمكانية الحلول مكان النيابة العامة لإقامة و تحريك الدعوى العمومية .
و في المقابل فقد جعل المشرع  ممارسة الدعوى العمومية حصرا على النيابة العامة كما يستفاد من مقتضيات  المادة 36 من قانون المسطرة الجنائية التي نصت على أنه : ”  تتولى النيابة العامة إقامة و ممارسة الدعوى العمومية ومراقبتها وتطالب بتطبيق القانون، ولها أثناء ممارسة مهامها الحق في تسخير القوة العمومية مباشرة. ” و كذا من مقتضيات المادتين 40 بالنسبة لوكيل الملك أو المادة 49 بالنسبة للوكيل العام للملك ، إذ جاءت في كلتا المادتين مقتضيات واحدة على النحو التالي : ” يطالب بتطبيق العقوبات المقررة في القانون و يقدم ( باسم القانون – المادة 40 ) جميع المطالب التي يراها صالحة و على محكمة ( الاستيناف – المادة 49 )  أن تشهد بها عليه بتضمينها في محضرها و أن تبت بشأنها . يستعمل عند الاقتضاء وسائل الطعن ضد ما يصدر من مقررات . ”  و هو ما أكدت عليه كذلك مقتضيات المادة 463 من قانون المسطرة الجنائية التي نصت على ما يلي : ” يمارس الدعوى العمومية عند إجراء متابعة في الجنح والمخالفات التي يرتكبها أحداث، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية المنتصب في دائرتها قاضي الأحداث المختص، ويمارسها الوكيل العام للملك في الجنايات والجنح المرتبطة بها. ” .
و اعتبارا للقاعدة الجوهرية التي تحكم القواعد الإجرائية في أنه ” لا إجراء بدون تنصيص” أو ” الأصل في الإجراءات المنع ” ، فإن ما أعطاه المشرع للنيابة العامة من صلاحيات أثناء عرض الدعوى العمومية على أنظار المحكمة لا يمكن أن تستفيد منه أية جهة أخرى و هو ما يجعل حق ممارسة الدعوى العمومية حصرا للنيابة العامة دون باقي الجهات التي لم يخولها المشرع – استثناء – إلا حق الإثارة.
إن ما جاء في الفقرتين الثانية و الثالثة من المادة 3 من قانون المسطرة الجنائية يؤكد ما قيل أعلاه ، ذلك أن المشرع نص على أنه : ” يقيم الدعوى العمومية و يمارسها قضاة النيابة العامة ، كما يمكن أن يقيمها الموظفون المكلفون بذلك قانونا . يمكن أن يقيمها الطرف المتضرر طبقا للشروط المحددة في القانون .” . إذ بصريح المقتضيات المذكورة فإن المشرع أقام حدا فاصلا و تمييزا واضحا بين إقامة الدعوى العمومية و تحديد الجهات المخولة لها ذلك ، و بين ممارسة نفس الدعوى و حصرها في قضاة النيابة العامة دون غيرهم .
الإشكال :و إذا كان التمييز بين إقامة الدعوى العمومية و ممارستها مسلم به كقاعدة من المشرع و عموم الفاعلين في مجال القانون الجنائي ، فإن هذا التسليم لا يعطى الترجمة الصادقة له سواء على مستوى النص التشريعي ذاته أو على مستوى العمل القضائي , لذلك كان لزاما علينا إثارة هذا الموضوع بمناسبة مناقشة ما جاءت به مسودة مشروع قانون المسطرة  الجنائية لعلها تكون مناسبة لإعادة النظر في البناء التشريعي لمقتضيات المسودة المذكورة . و لنا أن نتساءل في هذا السياق عن التصور الذي يتبناه المشرع لإقامة وممارسة الدعوى العمومية و ما إذا كان موفقا في ترجمة ذلك التصور على أرض الواقع ، و كيف أثر و تأثر القضاء بالتصور التشريعي أو فيه  و كيف نظرت المسودة لهذا الموضوع ؟
الفرضية :إن حديثنا عن موضوع الدعوى العمومية بين قانون المسطرة الجنائية و مسودة مشروعها المعروض للنقاش العمومي ينطلق من فرضية قائمة على وجود خلط في تجسيد الفصل الواضح بين مفهومي الإقامة و الممارسة للدعوى العمومية .
و لإبراز مدى صحة هذا الخلط يمكننا تمحيص هذه النظرية من خلال مبحثين  اثنين :
المبحث الأول : اضطراب تنزيل التصور التشريعي لمفهومي إقامة الدعوى العمومية و ممارستها .
المبحث الثاني : مساهمة العمل القضائي في هدر الحد الفاصل بين مفهومي إقامة الدعوى العمومية و ممارستها .
المبحث الأول : اضطراب تنزيل التصور التشريعي لمفهومي إقامة الدعوى العمومية و ممارستها
إن الدراسة المتمعنة لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية تؤدي إلى الوقوف على مجموعة من جوانب النقص في تنزيل فكرتي تحريك الدعوى العمومية و ممارستها. و هكذا ؛ ففي الوقت الذي نجد فيه المشرع يضع مقتضياتُ أحكامٍ لتحريك الدعوى العمومية و أخرى لممارستها نجده يخلط في مقتضيات ثالثة بين مفهومي التحريك و الممارسة .
لتوضيح موقف المشرع بصورة واضحة ، يمكن الاعتماد على ما جاء بمقتضيات المادة 384 من قانون المسطرة الجنائية و التي أكدت على : ” ترفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية كما يلي : 1 – بتعرض المتهم على الأمر القضائي في الجنح طبقا للمادة 383 ؛ 2- بالاستدعاء المباشر الذي يسلمه وكيل الملك ،ه  : ” أو الطرف المدني للمتهم ، أو عند الاقتضاء للمسؤولين عن الحقوق المدنية ؛ 3 – باستدعاء يسلمه أحد أعوان الإدارة المأذون له بذلك قانونا ، إذا كان هناك نص خاص يسمح لهذه الإدارة بتحريك الدعوى العمومية ؛ 4 – بالإحالة الصادرة عن قاضي التحقيق أو هيئة الحكم ؛ 5 – بالتقديم الفوري للجلسة في الحالة المنصوص عليها في المادة 74 ؛ 6 – بإحالة من وكيل الملك بناء  على تصريح مرتكب المخالفة أو المسؤول عن الحقوق المدنية المشار إليه في الفقرة الأخيرة من المادة 377 . “
إن مقتضيات المادة المذكورة تحدد بصورة جلية كيفية بسط القضايا الزجرية على أنظار المحكمة الابتدائية ، و قد أحسن المشرع صنعا بإيراده لعبارة ” ترفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية ” في مستهل المادة ؛ ذلك أن هذه العبارة تدل دلالة واضحة على أن الآليات الممكنة لتحريك الدعوى العمومية محصورة في ما ذكرته المادة دون غيره . و بالتالي فإن جميع حالات تحريك الدعوى العمومية قد جمعها المشرع في المقتضيات المذكورة التي شملت تحريك الدعوى العمومية :
1. عن طريق الاستدعاء المباشر المسلم من طرف وكيل الملك أو الإحالة الفورية على الجلسة في الحالة المنصوص عليها في المادة 74  أو بالإحالة من وكيل الملك بناء على تصريح مرتكب المخالفة أو المسؤول عن الحقوق المدنية ، , كل ذلك في الحالة العادية التي تتولى النيابة العامة فيها تحريك الدعوى العمومية باعتبارها الجهة  الرئيسية في ذلك .
1. عن طريق الاستدعاء المباشر الذي يسلمه الطرف المدني للمتهم ، أو الاستدعاء الذي يسلمه أحد أعوان الإدارة المأذون لهم بذلك في الحالة التي يخول فيها القانون لإدارة معينة تحريك الدعوى العمومية ، عندما يكون تحريك الدعوى العمومية من طرف الجهات التي خولها المشرع هذا الحق استثناء 
1. عن طريق الإحالة الصادرة عن قاضي التحقيق أو هيئة الحكم ، و هي الإحالة التي يمكن أن نصطلح عليها بالإحالة القضائية الصرفة ؛ أي الإحالة التي تتولى بموجبها هيئة قضائية من هيئات القضاء الجالس رفع الدعوى العمومية على أنظار المحكمة الابتدائية ، كما هو الأمر مثلا بالنسبة للإحالة الصادرة عن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية في حالة الجنح ( الفقرة الثانية من المادة 217 من ق م ج ) أو تلك الصادرة عن قاضي التحقيق بمحكمة الاستيناف عندما يتعلق الأمر بالجنايات ( الفقرة الأولى من المادة 218 من ق م ج ) أو عندما تلغي الغرفة الجنحية أمرا صادرا عن قاضي التحقيق بعدم المتابعة و تحيل القضية على المحكمة الابتدائية إذا تعلق الأمر بمخالفة أو جنحة او إلى غرفة الجنايات إذا تبين للغرفة الجنحية أن الأمر يتعلق بجناية و كذا في الأحوال و الصور التي نص عليها المشرع في حالة قواعد الاختصاص الاستثنائية .
و يستخلص من كل ذلك أنه قبل أية إحالة على الهيئة الابتدائية للنظر في الدعوى العمومية لا يجوز أي ذكر لدعوى عمومية مُحرَّكة ، لأن وقائعها لم تُعرض بعد على أنظار القضاء . لكن بمجرد تحقق إحدى الحالات التي نص عليها المشرع في المادة 384 فالدعوى العمومية تُحرك و لا يبقى معه أي مجال للتراجع عنها و تتولى بالمقابل النيابة العامة ممارستها . و جدير بالذكر هنا أن المدلول التشريعي الحقيقي لتحريك الدعوى العمومية الناتج عن رفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية لا يتحقق إلا بتسلم المتهم أساسا لاستدعاء أو تحقق علمه بكون قضيته قد رفعت إلى المحكمة ، و ينتج عن ذلك أن مجرد توجيه الاستدعاء إلى المتهم لا يعني رفع الدعوى العمومية بالمفهوم القانوني الصرف لأن العلم بعرض القضية إلى المحكمة لم يتحقق بعد.
إن ما يجب الوقوف عليه في هذا السياق ، هو أن هذا الوضوح الذي عبر عنه المشرع في المادة 384 من قانون المسطرة  الجنائية عن الحد الفاصل بين مرحلة ما قبل تحريك الدعوى العمومية و ما بعده ، لم يترجم ترجمة أمينة في مجموعة من المقتضيات القانونية الأخرى .
و هكذا فإننا نجد نوعا من الخلط في مجموعة من المقتضيات التي تتضمنها مواد قانون المسطرة الجنائية ، و للوقوف عليها فإننا نكتفي بذكر أمثلة عنها فقط وفق التالي :
ما ورد بالمادة 6 من قانون المسطرة الجنائية التي نصت على أنه : ” يقصد بإجراءات المتابعة في مفهوم هذه المادة ، كل إجراء يترتب عنه رفع الدعوى العمومية إلى هيئة التحقيق أو هيئة الحكم ” . فكما هو ملاحظ فقد نص المشرع على عبارة ” رفع الدعوى العمومية إلى هيئة التحقيق ” ، وهو تنصيص مخالف في جوهره و مقتضاه لما اقتضته المادة 384 من ق م ج كما أشرنا إليها أعلاه ، فلا يمكن الحديث عن رفع الدعوى العمومية إلى قاضي التحقيق و الحال أن هذا الأخير هو سلطة أعطاها المشرع إمكانية البحث في مدى توفر الحجج و الأدلة عن قيام الجريمة و ضبط مقترفيها ، و بعد ذلك إصدار قرار بالمتابعة و هو القرار الذي اعتبرته المادة 384 بمثابة آلية لرفع فقط الدعوى العمومية إلى المحكمة . كما أن قاضي التحقيق يمكنه أن يخلص إلى إصدار أمر بعدم المتابعة و هو ما ينتج عنه عدم إمكانية الحديث عن قيام دعوى عمومية من الأصل . و مما يؤكد هذا الطرح الذي ذهبنا إليه هو كون المشرع ساوى في إجراءات المتابعة كلا من ” رفع الدعوى العمومية  أمام هيئة التحقيق ” و ” رفع الدعوى العمومية أمام هيئة الحكم ” و هو الأمر غير المستساغ لكون المتابعة لا تكون إلا باتخاذ قرار عرض المتهم على أنظار المحكمة لتقول العدالة كلمتها فيه ، و الحال أن قاضي التحقيق قد يصدر بعد اتخاذ إجراءات التحقيق الإعدادي قرارا بعدم المتابعة .
كما ورد بالمادة 95 من قانون المسطرة الجنائية ما يلي : ” يجب على الطرف المدني عند إقامته للدعوى العمومية ،ما لم يكن محصلاً على المساعدة القضائية، أن يودع بكتابة الضبط المبلغ الذي يفترض أنه ضروري لمصاريف الدعوى، ويحدد له أجل للإيداع وذلك تحت طائلة عدم قبول شكايته ، ويحدد هذا المبلغ بأمر من قاضي التحقيق الذي عليه أن يراعي الإمكانيات المالية للمشتكي. ” و هذه المقتضيات بدورها تبرز مدى الارتباك التشريعي في استعمال مفهوم الدعوى العمومية . إذ أنه افترض في هذه المادة أن الدعوى العمومية ترفع بمجرد وضع الطرف المدني لشكايته المرفقة بالمطالب المدنية أمام قاضي التحقيق ، و ليس عند تسليم الاستدعاء للمتهم من الطرف المدني أو بصدور الأمر بالإحالة . إذ أن ما جاءت به المادة المذكورة يتحدث عن مجرد تقديم شكاية مرفقة بالمطالب المدنية لا يستقيم معه الحديث عن قيام دعوى عمومية و إلى فإن قيامها يمكن أن يتحقق بمجرد تقديم الشكاية أمام الشرطة القضائية أو النيابة  العامة ، , هو ما يخالف ما ذهب إليه المشرع في المادة 384 من ق م ج . و اعتبارا لما ذكر فإنه لا مفهوم لعبارة “الدعوى العمومية ” الواردة بالمادة المذكورة مادام أن المشرع ألزم الطرف المتضرر بضرورة إيداع المبلغ الذي يفترض أنه ضروري لمصاريف الدعوى داخل الأجل القانوني تحت طائلة عدم قبول الشكاية . و كنتيجة منطقية فإنه في حالة عدم قبول الشكاية فلا يمكن الحديث عن إقامة للدعوى العمومية ، مما يكون ما ذهب إليه المشرع هو نوع من الخلط المؤثر في التنزيل التشريعي لفكرتي إقامة أو رفع الدعوى العمومية .
و لعل نفس الفهم هو ما كرسه المشرع في مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 95 التي نصت على أنه : ” إذا أقيمت هذه الدعوى ضد قاض أو موظف عمومي أو عون تابع للسلطة أو القوة العمومية، … ” إذ نؤكد على أن نفس الملاحظات تبقى وجيهة في شأن هذه المقتضيات .
و في هذا السياق نؤكد على أنه للمشرع فرصة حقيقية لتفادي هذا النوع من الغموض التشريعي بمناسبة إعادة صياغة مقتضيات مواد قانون المسطرة الجنائية ، لذلك فإننا نؤكد على أن ذات المشرع و إن كان قد حاول إدخال بعض التعديلات على بعض المقتضيات الواردة بهذا الشأن ، فإنه – في نظرنا – لم  يفلح في تجاوز هذه الهفوة ، إذ كما هو معلوم فقد جاء بالمادة 95 من مسودة مشروع فانون المسطرة الجنائية ما يلي : ” يمكن لقاضي التحقيق أن يحدد للطرف المدني الذي يقيم الدعوى العمومية وفقا لمقتضيات المادة 92 أعلاه، أجلا لإيداع المبلغ الذي يفترض أنه ضروري لمصاريف الدعوى الذي يكون شاملا للقسط الجزافي، مع مراعاة الإمكانيات المالية للمشتكي. يجب على الطرف المدني إيداع المبلغ داخل الأجل المحدد له ما لم يكن محصلا على المساعدة القضائية أو يقبل قاضي التحقيق منحه أجلا إضافيا، وإلا صرح بعدم قبول شكايته. إذا أقيمت هذه الدعوى ضد  … الوكيل القضائي للمملكة.”
و عليه فإننا نقترح أن تعاد صياغة كل من المادة  6 و المادة 95  المذكورتين على النحو التالي :
بالنسبة لمقتضيات المادة  من 6 من قانون المسطرة الجنائية فإننا نقترح أن تعاد صياغتها على النحو التالي : ”  يقصد بإجراءات المتابعة في مفهوم هذه المادة ، كل إجراء يترتب عنه رفع الدعوى العمومية إلى هيئة الحكم . ” و وفق هذا الاختيار فإنه يتعين حذف عبارة ” هيئة التحقيق ”  للاعتبارات الواردة أعلاه .
كما أنه بالنسبة للمادة 95 فإننا نقترح أن تعاد صياغتها وفق ما يلي : ” يمكن لقاضي التحقيق أن يحدد للطرف المدني الذي يتقدم بشكايته وفقا لمقتضيات المادة 92 أعلاه، أجلا لإيداع المبلغ الذي يفترض أنه ضروري لمصاريف الدعوى الذي يكون شاملا للقسط الجزافي، مع مراعاة الإمكانيات المالية للمشتكي.
يجب على الطرف المدني إيداع المبلغ داخل الأجل المحدد له ما لم يكن محصلا على المساعدة القضائية أو يقبل قاضي التحقيق منحه أجلا إضافيا، وإلا صرح بعدم قبول شكايته.
إذا قدمت الشكاية  ضد … الوكيل القضائي للمملكة. ” و إذا كان المشرع المغربي قد سار في الاتجاه المفصل أعلاه ، فإن القضاء نحا في نفس الاتجاه ، إذ في الوقت الذي كان على القضاء أن يقوم المسار التشريعي و يعطي للقاعدة القانونية مدلولها الحقيقي فإنه كرس نفس اتجاه الخلط الحاصل في مفهوم تحريك الدعوى العمومية
المبحث الثاني : مساهمة العمل القضائي في هدر الحد الفاصل بين مفهومي إقامة الدعوى العمومية و ممارستها
يمكن في الكثير من الأحوال أن يلعب العمل القضائي دورا بارزا في ترشيد التدخلات التشريعية من أجل ارفع من جودة القاعدة القانونية . غير أن الأمر لا يكون كذلك في الحالة التي يبدو فيها عمل القضاء مضطربا نتيجة اضطراب القاعدة القانونية ذاتها . لذلك فإن العمل القضائي في موضوع تجسيد مفهوم تحريك و ممارسة الدعوى العمومية يبقى محط جدل .
إن الباحث و المتابع للعمل القضائي في مجال تنزيل مفهومي تحريك و ممارسة الدعوى العمومية لا يجد عناء في رصد مظاهر ذلك التنزيل من خلال عمل قضاء التحقيق أولا ثم عمل قضاء الحكم ثانيا .
و هكذا فعلى مستوى عمل قضاء التحقيق ، نجد أن اتجاها قضائيا يتعامل مع مهام قاضي التحقيق و كأنه قاضي الحكم ، ويذهب هذا الاتجاه إلى أن سلطاته تبتدئ منذ إثارة الدعوى العمومية التي تتحقق بالمطالبة بإجراء تحقيق . و يرى هذا الاتجاه أن النيابة العامة يلعب منذ ذلك الحين دور الخصم  الطرف في جميع إجراءات التحقيق ، لذلك فإن جميع عناصر و أركان الدعوى العمومية تتحقق خلال مرحلة التحقيق الإعدادي و بالتالي فلا مجال للحديث عن أية تفرقة بين عرض القضية على التحقيق أو عرضها أمام هيئة الحكم فكلاهما جهة قضاء يُنقل أمامها كل من النزاع و القضية لقول كلمة العدالة فيهما .
و لعل هذا الاتجاه ؛ كما يبدو ؛ يستند إلى فكرة تبدو منتقدة جدا ، إذ أنه لا يقيم وزنا للتصور التشريعي الواضح و الجلي الذي أكدنا عليه أعلاه لنقطة انطلاق الدعوى العمومية . كما أن هذا الاتجاه يبقى محل انتقاد عندما يغَيِّب طبيعة مؤسسة التحقيق الكامنة في كونها جهة قضائية تسعى إلى البحث في أدلة إثبات الجريمة و نفيها و كذا في البحث عن مرتكبيها ، و هو ما يؤكده المشرع عينه عندما يجيز إمكانية مباشرة التحقيق في مواجهة شخص مجهول ، و في هذا الصدد تنص مقتضيات المادة 84 من قانون المسطرة الجنائية على أنه : ” يجري التحقيق بناء على ملتمس من النيابة العامة، ولو كان قاضي التحقيق يقوم بالمهام المخولة إليه في حالة التلبس. يمكن تقديم هذا الملتمس ضد شخص معين أو مجهول. ” .
إن إمكانية مباشرة التحقيق الإعدادي في مواجهة شخص معلوم ينتفي و فكرة قيام الدعوى العمومية و تحريكها من جوانب عدة ، منها أن أطراف الدعوى العمومية غير متوفرين في مثل هذه الحالة ، إذ لا يمكن القول بوجود دعوى عمومية بحضور النيابة العامة وحدها دون معرفة ” المتهم ” الذي وُجِّهت في حقه ؛ كما أنه لا يمكن القول بوجود دعوى عمومية في الحالة التي تنتفي فيها هوية الفاعل لأن المحكمة لا يمكنها أن تحاكم شخصا مجهول الهوية . ثم إن القول باكتمال عناصر الدعوى العمومية و أطرافها بمجرد وجود المطالبة بإجراء تحقيق ينافي – بالإضافة إلى ما ورد بالمادة 84 أعلاه – مع ما رود بالفقرة الأولى من المادة 216 من ق م ج و التي جاء فيها أنه : ” يصدر قاضي التحقيق أمراً بعدم المتابعة إذا تبين له أن الأفعال لا تخضع للقانون الجنائي أو لم تعد خاضعة له، أو أنه ليست هناك أدلة كافية ضد المتهم، أو أن الفاعل ظل مجهولاً. ” و هو اتجاه تشريعي منطقي و سليم من جميع الجوانب و متطابق لقواعد المحاكمة العادلة التي تفترض أساسا وضوح هوية الأطراف المتحاكمة أمام القضاء .
غير أن هذه المبررات لا تصمد في مواجهة الاتجاه القضائي المنتقد عندما يتم إصدار مجموعة من الأوامر النهائية عن قضاء التحقيق بسقوط الدعوى العمومية استنادا على سبب من أسباب السقوط الواردة في المادة 4 ، متذرعا بكون ما ورد بمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 216 من ق م ج لا يمكن الركون إليه في جميع الحالات لذلك وجب التصريح بسقوط الدعوى العمومية بناء على أحد الأسباب التي لم تذكر في المادة المذكورة . و الشواهد على هذا الاتجاه كثيرة و متنوعة من مجموعة من غرف التحقيق .
إن هذا النوع من المجانبة للصواب في تمثُّل فكرة تحريك الدعوى العمومية و ممارستها من قبل النيابة العامة في اعتقاد جانب من قضاء التحقيق ، يسنده مظهر آخر من مظاهر هذا الاعتقاد و يتجسد في السلوك الذي تتولاه بعض المحاكم عند الحكم بعدم قبول الشكاية المباشرة في حالة تخلف أحد بياناتها أو لأي سبب كان .
بداية يجب التأكيد على أن المشرع عمل على التفصيل في الشروط الواجب تحققها قبل رفع الادعاء المقرون بالمطالبة بالحق المدني ( أو ما يصطلح عليه في اللغة العملية بالشكاية المباشرة )  وأن تلك الشروط يجب التحقق منها قبل اتخاذ أي إجراء ، و قد نص المشرع على تلك الشروط في المواد من 92 إلى 96 عندما تقدم الشكاية أمام قاضي التحقيق و هي نفس الشروط الواجب توفرها أمام هيئة  الحكم بموجب منطوق المادة 384 من قانون المسطرة الجنائية و مفهومها .
لذك فإن مآل الشكاية المباشرة لن يكون معزولا عن أمرين ، أولهما مدى احترام الشكليات التي يتطلبها القانون ، و ثانيهما مدى ارتباط عدم قبول الشكاية المباشرة بمآل الدعوى العمومية .
فمن جهة الحكم بعدم قبول الشكاية المباشرة ، فإن المشرع اشترط مجموعة من الشروط منها ما هو مشروط صراحة و منها ما هو مشروط لزوما . و هكذا فمن الشروط الصريحة ما نصت عليه المادة 95 من قانون المسطرة الجنائية الحالية التي أكدت على أنه : ” يجب على الطرف المدني عند إقامته للدعوى العمومية، ما لم يكن محصلاً على المساعدة القضائية، أن يودع بكتابة الضبط المبلغ الذي يفترض أنه ضروري لمصاريف الدعوى، ويحدد له أجل للإيداع وذلك تحت طائلة عدم قبول شكايته … ” أي أن المشرع أكد على ضرورة أداء ما تقتضيه المطالبة بالحق المدني من مصروفات تحت طائلة عدم القبول ؛ و هو التأكيد الذي جاء كذلك في القانون المتعلق بتنظيم المصاريف القضائية في الميدان الجنائي و خاصة في ماتديه 54 التي تنص على أنه : ” يجب على المدعي بالحقوق المدنية غير المتمتع بالمساعدة القضائية أن يودع بكتابة الضبط، وإلا كانت دعواه غير مقبولة ،المبلغ المفترض أنه ضروري لتسديد جميع مصاريف الإجراءات إذا رفع قضيته مباشرة إلى قاضي التحقيق أو إلى المحكمة وفقا لقانون الإجراءات الجنائية. ويشمل مبلغ الإيداع المذكور القسط الجزافي المنصوص عليه في المادة 50 أعلاه مضافا إليه مضافا إليه إن اقتضى الحال المبلغ المعد لتسديد مصاريف الخبرة إذا تقرر القيام بهذا الإجراء، ويقوم بتحديد مبلغ الإيداع :
1. قاضي التحقيق بمجرد ما ترفع إليه الشكوى ؛
2. المحكمة خلال الجلسة الأولى المعروضة فيها القضية في حالة تكليف بالحضور .
وإذا تبين أن من الضروري القيام بخبرة جازت المطالبة بإيداع تكميلي خلال المتابعة إما حين إجراء التحقيق وإما أمام هيئة الحكم. ”  و المادة 56 التي جاء فيها أنه : ” يجب على المدعي بالحقوق المدنية الذي يرفع دعواه مباشرة إلى المحكمة أن يدفع، زيادة على مبلغ الإيداع، مبلغ الرسم الذي كان يتعين عليه أداؤه لو رفع الدعوة إلى المحكمة المدنية وإلا اعتبر طلبه غير مقبول، ويجب كذلك دفع هذا الرسم على المدعي بالحقوق المدنية الذي رفع قضيته مباشرة إلى قاضي التحقيق وفق الشروط المقررة في قانون الإجراءات الجنائية. ولا يفرض أداء أي أجرة على حراسة الإيداع المشار إليه أعلاه. ولا يجب على المدعي بالحقوق المدنية المتدخل خلال الجلسة في متابعة حركتها النيابة العامة أداء الرسم الآنف الذكر الذي يستوفيه الخازن العام من المحكوم عليهم بأداء المصاريف، على أنه يلزم، إذا لم يمتع بالمساعدة القضائية، بإيداع مبلغ يساوي القسط الجزافي المحدد في المادة 50 أعلاه وإلا اعتبر طلبه غير مقبول. ” .
أما من جهة الشروط اللازمة لقبول الشكاية المباشرة ضرورة الحلول محل النيابة العامة في جميع الالتزامات ومن بينها تحديد الهوية الكاملة للشخص المشتكى به ، على اعتبار أن الأصل في الانتصاب كمطالب بالحق المدني يفترض تحديد هوية الأطراف وفقا لقانون المسطرة المدنية كما جاء بالمادة 752 من قانون المسطرة الجنائية ، و بما أن الأمر يكون مرتبطا بإثارة الدعوى العمومية بصورة استثنائية فإن البيانات اللازمة للهوية يجب أن تتوفر في نفس الشكاية .
إن توفر هذه الشروط من عدمه هو ما يؤكد إمكانية قبول أو عدم قبول الشكاية المباشرة ، لكن التساؤل يبقى مطروحا بشأن الوقت الذي يمكن فيه الحكم بعدم القبول هل قبل إثارة الدعوى العمومية أم بعد ذلك ؟
إن ما يدعونا لهذا التساؤل هو التحديد الدقيق للحظة تحريك  الدعوى العمومية، هل تتحقق بمجرد تقديم الشكاية المباشرة ( الانتصاب كمطالب بالحق المدني ) أم أن تحريكها لن يتحقق إلا بتوصل المتهم بالاستدعاء الموجه له من طرف المطالب بالحق المدني وفقا لآليات رفع الدعوى أمام المحكمة الابتدائية كما نصت عليها المادة 384 من قانون المسطرة الجنائية ؟
لا جدال في أن احترام مقتضيات المادة 384 من ق م ج يبقى واجبا و إلا فإن الحكم الصادر في خرق سافر لتلك المقتضيات يبقى مخالفا للقانون و يجب نقضه ، لذلك فإنه بمجرد توصل المتهم بالاستدعاء المذكور فإن الدعوى العمومية تحرك و يصبح طرفاها هما النيابة العامة و المتهم ، إذ تصبح آنذاك المحكمة أمام دعويين ، أحدهما مدنية حركها المطالب بالحق عن طريق الادعاء المدني و أما الثانية فإنها عمومية ، الشيء الذي يفرض على المحكمة ضرورة التعامل مع هذا الواقع و ما يستلزمه ذلك وجوب الفصل في الدعويين معا .
إن مثل هذا القول يفرض على المحكمة أن تتأكد من توافر الشروط الشكلية للشكاية المباشرة قبل توجيه الاستدعاء للمتهم المفترض ، إذ لا يمكن توجيه ذلك الاستدعاء في ظل تحقق إخلالات الطرف المدني بما يفرضه عليه القانون . و لذلك فإن المشرع كان واضحا عندما قرر عدم القبول في حالة الإخلال بتلك الواجبات و الشروط . و عليه فإن ما تذهب إليه المحاكم عند الحكم بعدم قبول الشكاية المباشرة بعد استدعاء المتهم لا يجد له سندا من القانون ، على اعتبار أنه استدعاء المتهم يعني تحريك الدعوى العمومية يجعل النيابة العامة طرفا فيها يُفرض عليه قانونا مماريتها بجميع تجليات الممارسة . غير أن الحكم بعدم قبول الشكاية المباشرة على النحو الذي يسير عليه القضاء يغل يد النيابة العامة في ممارسة الدعوى العمومية و خاصة فيما يتعلق بالحق في الطعن ، إذ أن النيابة العامة تجد نفسها أمام حالة عدم وجود أي حكم في الدعوى العمومية و بالتالي ينعدم محل الطعن و تنتفي المصلحة في ذلك .
إن ما يمكن استخلاصه أن العمل القضائي بدوره و في جانب كبير منه لا يساعد في بلورة تصور ناضج على الأقل من الناحية العملية لفكرتي تحريك الدعوى العمومية و ممارستها ، إذ يظهر من الأمثلة السابقة أن الحد الفاصل بين مرحلة تحريك الدعوى العمومية و مرحلة ما بعد التحريك غير واضح في العمل القضائي عندما لا تكون النيابة العامة هي محركة الدعوى العمومية .
و في هذا السياق كانت مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية فرصة هامة لإعادة النظر في بعض المقتضيات المتعلقة بهذا الجانب من تحريك الدعوى العمومية و ممارستها ، وخاصة في الشق المتعلق بالانتصاب بالمطالبة بالحق المدني، حيث عمل واضعو المسودة على توضيح المسطرة الواجب اتباعها في حالة تقديم الشكاية المباشرة أمام قاضي التحقيق و بالتالي هيئة الحكم . و هكذا فقد جاءت بعض التعديلات في كل من الممادة 92 و المادة 95 من المسودة .
فبالنسبة للمادة 92 من مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية فقد جاءت على النحو التالي : ”  يمكن لكل شخص ادعى أنه تضرر من جناية أو جنحة قابلة للتحقيق أن يقدم شكاية مع الانتصاب طرف مدني  أمام قاضي التحقيق المختص، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. تتضمن الشكاية تحت طائلة عدم القبول هوية المشتكي وعنوانه ووقائع القضية وتاريخ ومكان ارتكاب الفعل وهوية المتهم إذا كان معلوما وعنوانه عند الاقتضاء والتكييف القانوني للوقائع والنصوص القانونية المجرمة لها. وترفق الشكاية عند الاقتضاء بالأدلة والمستندات المدعمة لها. يتم وضع الشكاية لدى الرئيس الأول للمحكمة أو رئيس المحكمة كل حسب اختصاصه، الذي يعين من بين قضاة التحقيق من يتولى مباشرة إجراءات التحقيق. “
إن ما ورد بالمقتضيات الجديدة أعلاه يؤكد الحرص على تفعيل القواعد المنظمة لتقديم الشكاية المباشرة بالشكل الصحيح ، , يرفع تبعا لذلك كل التناقضات  التي كان يشهدها العمل القضائي و يؤيد ما كان عليه العمل القضائي السليم من كون الاستثناء الذي أعطاه المشرع المغربي للضحية من أجل تحريك الدعوى العمومية يجب أن يوازيه التزام من جانبه في تقمص دور النيابة العامة تقمصا دقيقا و ألا يترك اية شكلية تتولى النيابة العامة إتمامها أو يرغم المتهم على تقديمها ؛ إذ لا يجوز إجبار المتهم تحت أية ذريعة على تقديم بيانات ضده و هو أمر مرتبط بقواعد المحكمة العادلة . كما أن ما ذهب إليه واضع مسودة المشروع جاء بالرغم من وجود قرارات لمحكمة النقض  و قرارات استئنافية و أحكام ابتدائية تسير في اتجاه مخالف .
و في هذا الصدد فإننا نؤيد  الاتجاه الذي سار عليه واضعي المسودة لأنه أحد تطبيقات القاعدة الأصولية القائمة على مبدأ ” الغنم بالغرم ” أي أن المتضرر الذي يستعمل الحق الاستثنائي الذي مكنه المشرع منه يجب أن يفي بجميع التزاماته اللازمة عن ممارسة ذلك الحق .
و جدير بالذكر أن البيانات التي نصت عليها المادة 92 في صيغتها الجديدة جاءت محمية بجزاء عدم القبول ، و هو ما يلزم المحكمة بمراقبته قبل توجيه الاستدعاء إلى المتهم ، على اعتبار أن تسلم الاستدعاء من طرف هذا الأخير هو نقطة انطلاق تحريك الدوى العمومية كما فصلنا في ذلك أعلاه .
و أما ما جاء بالمادة 95 في صيغتها الجديدة فلا يعدو أن يكون مجرد إعادة تنظيم لنفس المقتضيات الحالية ، غير أن الملاحظ هو الاحتفاظ في الصياغة  الجديدة بنفس الخلط الذي أثرناه سابقا ، و على ذلك فإن الصيغة الجديدة للمادة 95 التي جاءت بها المسودة كانت على النحو التالي : ” يمكن لقاضي التحقيق أن يحدد للطرف المدني الذي يقيم الدعوى العمومية وفقا لمقتضيات المادة 92 أعلاه، أجلا لإيداع المبلغ الذي يفترض أنه ضروري لمصاريف الدعوى الذي يكون شاملا للقسط الجزافي، مع مراعاة الإمكانيات المالية للمشتكي. يجب على الطرف المدني إيداع المبلغ داخل الأجل المحدد له ما لم يكن محصلا على المساعدة القضائية أو يقبل قاضي التحقيق منحه أجلا إضافيا، وإلا صرح بعدم قبول شكايته. إذا أقيمت هذه الدعوى ضد … الوكيل القضائي للمملكة. ” غير أننا نقترح أن تعاد صياغة المادة بحذف عبارة ” الذي يقيم الدعوى العمومية وفقا لمقتضيات المادة 92 أعلاه ” على أن تعوض بالصيغة  التالية : ” الذي يقدم شكايته وفقا لمقتضيات المادة 92 أعلاه ” و ذلك من أجل ضمان الانسجام بين مقتضيات المادتين و جعلهما يتحدثان عن الشكاية بدل أن تكون إحداهما تتعلق بالشكاية و الأخرى تتعلق بالدعوى العمومية , و من أجل السير في اتجاه تصحيح مسار العمل القضائي الذي أبرزنا بعض ملامحه أعلاه .
و مما نخلص إليه في هذا السياق ، هو أن المشرع عمل على التوضيح أكثر في إجراءات تقديم الشكاية المباشرة أو ما أصبح يصطلح عليه بموجب مقتضيات المسودة الجديدة  ب ” الشكاية مع المطالبة بالحق المدني ” مما يؤكد على أن الخطوة التي خلص إليها المشرع جاءت انتصارا لحسن سير العدالة و ليس هدرا لها .
يتبع بإذن الله تعالى
دراسة علمية لمسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية ـ ( الجزء الثاني ) Reviewed by Unknown on 3:09:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.